responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 224
[سُورَة التَّوْبَة (9) : آيَة 52]
قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ (52)
تَتَنَزَّلُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مَنْزِلَةَ الْبَيَانِ لِمَا تَضَمَّنَتْهُ جُمْلَةُ قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا [التَّوْبَة: 51] الْآيَةَ، وَلِذَلِكَ لَمْ تُعْطَفْ عَلَيْهَا، وَالْمُبَيَّنُ هُوَ إِجْمَالُ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا [التَّوْبَة: 51] كَمَا تَقَدَّمَ.
وَالْمَعْنَى لَا تَنْتَظِرُونَ مِنْ حَالِنَا إِلَّا حَسَنَةً عَاجِلَةً أَوْ حَسَنَةً آجِلَةً فَأَمَّا نَحْنُ فَنَنْتَظِرُ مِنْ حَالِكُمْ أَنْ يُعَذِّبَكُمُ اللَّهُ فِي الْآخِرَةِ بِعَذَابِ النَّارِ، أَوْ فِي الدُّنْيَا بِعَذَابٍ عَلَى غَيْرِ أَيْدِينَا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا: كَالْجُوعِ وَالْخَوْفِ، أَوْ بِعَذَابٍ بِأَيْدِينَا، وَهُوَ عَذَابُ الْقَتْلِ، إِذَا أَذِنَ اللَّهُ بِحَرْبِكُمْ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ
فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ
[الْأَحْزَاب: 60] الْآيَةَ.
وَالِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلٌ فِي النَّفْيِ بِقَرِينَةِ الِاسْتِثْنَاءِ. وَمَعْنَى الْكَلَامِ تَوْبِيخٌ لَهُمْ وَتَخْطِئَةٌ لِتَرَبُّصِهِمْ لِأَنَّهُمْ يَتَرَبَّصُونَ بِالْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقْتَلُوا، وَيَغْفُلُونَ عَنِ احْتِمَالِ أَنْ يَنْصُرُوا فَكَانَ الْمَعْنَى: لَا تَتَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا أَنْ نُقْتَلَ أَوْ نَغْلِبَ وَذَلِكَ إِحْدَى الحسنين.
وَالتَّرَبُّصُ: انْتِظَارُ حُصُولِ شَيْءٍ مَرْغُوبٍ حُصُولُهُ، وَأَكْثَرُ اسْتِعْمَالِهِ. أَنْ يَكُونَ انْتِظَارُ حُصُولِ شَيْءٍ لِغَيْرِ الْمُنْتَظِرِ (بِكَسْرِ الظَّاءِ) وَلِذَلِكَ كَثُرَتْ تَعْدِيَةُ فِعْلِ التَّرَبُّصِ بِالْبَاءِ لِأَنَّ الْمُتَرَبِّصَ يَنْتَظِرُ شَيْئًا مُصَاحِبًا لِآخَرَ هُوَ الَّذِي لِأَجْلِهِ الِانْتِظَارُ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [الْبَقَرَة: 228] فقد نزلت بِأَنْفُسِهِنَّ مَنْزِلَةَ الْمُغَايِرِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي وُجُوبِ التَّرَبُّصِ، وَلِذَلِكَ قَالَ فِي «الْكَشَّافِ» : «فِي ذِكْرِ الْأَنْفُسِ تَهْيِيجٌ لَهُنَّ عَلَى التَّرَبُّصِ وَزِيَادَةُ بَعْثٍ» . وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ هُنَالِكَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ [الْبَقَرَة: 226] فَهُوَ عَلَى أَصْلِ الِاسْتِعْمَالِ لِأَنَّهُ تَرَبُّصٌ بِأَزْوَاجِهِمْ.
وَجُمْلَةُ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ الِاسْتِفْهَامِ عَطْفَ الْخَبَرِ عَلَى الْإِنْشَاءِ: بَلْ عَلَى خَبَرٍ فِي صُورَةِ الْإِنْشَاءِ، فَهِيَ مِنْ مَقُولِ الْقَوْلِ وَلَيْسَ فِيهَا مَعْنَى

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 10  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست